مخيّم "هذه بلادي" يعرّف الثانويّين العرب على وطنهم وهويّتهم

اختتمت جمعيّة الثّقافة العربيّة، يوم السبت 31.07.2010، المخيّم الصيفيّ الشبابيّ "هذه بلادي" بعد ستة أيام مكثّفة تخللت رحلات في ربوع الجليل وورش تثقيفية حول الهويّة وفعاليات ترفيهيّة متنوّعة، وقد شارك في المخيّم عشرات الطلاب الثانويّين العرب الناشطين والقياديّين في المجالس الطلابيّة من مختلف البلدات والمناطق، عاشوا سويًا أسبوعًا مفيدًا وممتعًا.


خطوة البداية: للمخيّم رسالة


بدأ المخيم يوم الاثنين 26.07.2010، حيث وصل المشاركون إلى مركز دير الأسد للرياضة والاستجمام، وافتتحت المخيم د.روضة عطا الله، مديرة جمعيّة الثّقافة العربيّة، بكلمة أكّدت فيها أهميّة المخيّم ورسالته بالنسبة للجمعيّة، واعتبرته فرصة نادرة للشباب العربيّ الفلسطينيّ في الداخل للتعرّف المعمّق على وطننا وروايتنا التاريخيّة وهويّتنا الوطنيّة والثقافيّة وللدمج الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد وتعزيز الانتماء، ليشكّل حالة مغايرة للاغتراب وتشويه الهويّة والتفكيك المجتمعي التي تسبّبها سياسات التجهيل الرسمية. ثمّ توّزع المشاركون إلى مجموعات عمل صغيرة، وقاموا بفعاليات التعارف الشخصيّ وورشة حول الهويّة، كما قامت مجموعة من الطلاب برحلة جبلية نحو مغارة ومقام "الخضر" في جبال دير الأسد المهيبة.


المشاركون والمشاركات في اليوم الأول للمخيّم


مسارات في الجليل؛ من عكا لطبريا ومن القفزة إلى الجرمق


زار المشاركون في اليوم الثاني لمخيّم "هذه بلادي" منطقة الجليل الغربيّ وعكا برفقة المرشد السياحيّ إبراهيم أبو الهيجاء، وتعرّفوا خلال المسار على كلّ القرى المهجّرة في المنطقة، وتوّقفوا عند قريتيّ الكابري والبصّة المهجّرتين، ثمّ زاروا مدينة عكا، وكانت المحطة الأولى في مقبرة النبي صالح عند قبر شهداء ثورة البراق 1929 (محمد جمجموم، فؤاد حجازي، عطا الزير)، أما المحطة الثانية فكانت في مسرح "اللاز" حيث شاهد المشاركون مسرحيّة "ظاهر العمر"، التي تحكي عن مسيرة القائد العربيّ ظاهر العمر الزيدانيّ والتاريخ الفلسطينيّ في القرن الثامن عشر، وسبق المسرحيّة جولة مع المرشد والفنان عبده متى في أحياء مدينة عكا والمعالم ذات الصلة بتلك الفترة التاريخيّة الهامّة، ثمّ ركب المسافرون في سفينة "ملكة عكا" وقموا بجولة بحريّة حول أسوار عكا، وفي المساء حضر المشاركون حفل الافتتاح الفنيّ لمهرجان "مسرحيد".


في عكا، عند قبر شهداء ثورة البراق


اليوم الثالث للمخيّم كان يومًا حافلاً بالفعاليات الترفيهيّة والمغامرات إلى جانب التعرّف على جغرافية وتاريخ منطقتيّ الحولة وطبريا، حيث استمتع المشاركون بركوب سيارات الجيب الجبلية في منطقة الحولة، وبالتجديف بالقوارب المائية في نهري الحاصباني والأردن، كما زار المشاركون منطقة قلعة "عطرة" ومقبرة "الأرقام"، ثم توّجهوا نحو بحيرة طبريا وتعرّفوا على جبل التطويبات وكنيسة كفار ناحوم والمعالم الدينيّة والأثريّة المحيطة بالبحيرة، واختتموا اليوم في مدينة طبريا حيث شاهدوا سورها ومسجدها وبيوتها المدنيّة الجميلة والحزينة، المبنيّة من حجارة البازلت الأسود.


في اليوم الثالث، قبل التجديف بالقوراب المائية


مدينة صفد ومنطقتها كانتا مسار اليوم الرابع لمخيم "هذه بلادي"، بدأ المسار بالتعرف على جبال الجليل الأعلى وأسمائها وارتفاعاتها والقرى العربيّة المقامة عليها والقرى المهجّرة التي هدمت وهجّر أهلها خلال النكبة والمستوطنات التي أقيمت مكانها وعلى أراضيها، ثمّ قام المشاركون بزيارة قلعة مدينة صفد المشرفة على أحياء المدينة القديمة ومعالمها والجبال الشاهقة وكروم العنب المحيطة بهذه المدينة التاريخيّة التي أفرغت تمامًا من سكانها الفلسطينيين في نكبة العام 1948، كما شهدت منطقتها تطهيرًا عرقيًا لثماني وثمانين قرية في قضائها، لم يبق منها سوى قريتي الجش وعكبرة. بعد ذلك زار المشاركون قريتي كفر برعم وإقرث المهجرتين، وتعرّفوا على أسماء ومواقع القرى على الحدود الشماليّة، ثم قامت المجموعة بزيارة قرية البقيعة ومركزها القديم والتعرّف على تاريخها. وفي نهاية الجولة استمتع المشاركون بفعالية الدراجات المائية في بركة "مونفرت" الاصطناعية بجانب ترشيحا.


عند قلعة صفد المطلّة على الجليل


المشاركات يفزن على المشاركين في مسابقة "الرحّالة الصغير"


وفي مساء اليوم الرابع، نظّمت إدارة المخيّم مسابقة "الرحّالة الصغير" في المعلومات التاريخيّة والجغرافيّة التي تلقّاها المشاركون خلال الرحلات، حيث تنافس فريقيّ الشباب والشابات من خلال ثلاث جولات شملت كل جولة منها عشرين سؤالٍ، وقد شهدت المسابقة تنافسًا شديدًا بين الفريقين اللذين أجابا على الغالبية العظمى من الأسئلة، مما أكّد تذويت المشاركين للمعلومات التي تلقوها خلال المخيّم واهتمامهم الكبير بمعرفة وطنهم وبلادهم، وامتازت المسابقة بأجواء حماسيّة وتشجيعيّة، وقد انتهت بفوز فريق الشابات ب79 نقطة مقابل 76 لفريق الشباب.


التحضير للمسابقة


خلال اليوم الخامس للمخيّم توّزع المشاركون من جديد إلى مجموعات العمل الصغيرة، ناقشت المجموعات بشكل معمّق موضوعة الهويّة، من خلال حوار جماعيّ وقراءة نقديّة لمضامين كتاب "الهويّة" الذي أصدرته دائرة الشباب والمجتمع في الوسط العربي التابعة لوزارة التربيّة والتعليم الإسرائيليّة، حيث حلّل الطلاب خلال الورش التثقيفيّة مواطن تشويه الهويّة في هذا الكتاب ونصوصه وفعالياته، التي تروّج لمفهوم خاطئ للهويّة، وتهدف إلى بناء شخصيّة مؤسرلّة وممّزقة الكيان وراضيّة بواقع الاغتراب والعنصريّة والدونيّة وموافقة على مفاهيم الولاء الصهيونيّة، كما تهدف الفعاليات إلى التشجيع على التجنّد للخدمة المدنيّة الإسرائيليّة. وأشار المرشدون إلى رضاهم الكبير من درجة الوعي السياسيّ التي أظهرها المشاركون والمشاركات وقدرتّهم على التعبير عن أفكارهم في موضوعة الهويّة وعلاقتها في قضيّة المواطنة في سياق الفلسطينيين في الداخل.


تسجيل المعلومات التاريخية والجغرافيّة رافق جولات المخيم


في اليوم السادس والأخير للمخيّم، زار المشاركون قرية صفوريّة المهجّرة وتعرّفوا على تاريخها ومعالمها الأثريّة، ثمّ توّجهوا لمدينة الناصرة حيث زاروا منطقة العين وكنيسة البشارة للروم الأرثوذكس وساروا في أزقّة البلدة القديمة حتى وصلوا إلى مقرّ جمعيّة الثّقافة العربيّة.


الطلاب المشاركون:


"مخيّم ناجح ومتكامل، شعرنا أننا عائلة واحدة"


"رسالة المخيّم وصلت وسنوصلها لغيرنا"


وقامت إدارة المخيّم المتمثلّة بد. روضة عطا الله، مديرة الجمعيّة، والسيدّة أميرة الديك، عضو إدارة الجمعيّة، والسيّد إياد برغوثي، والمحاميّة أماني إبراهيم بتوزيع الشهادات وكتاب "وتشهد الجذور" ودليل "المناظرة" على الطلاب والطالبات المشاركين في مخيم "هذه بلادي"، في أجواء احتفالية رائعة.


 واعتبرت المشاركة مرام سرّيس (17 عامًا)، رئيس مجلس طلاب المدرسة الثانوية في مجد الكروم، أن المخيم كان "ناجحًا جدًا، وأن رسالة التوعيّة والتثقيف التي حملها قد وصلت لنا وسنوصلها نحن بدورنا لغيرنا. إنها أول مرة أشارك بمخيم صيفيّ وأشعر أنني في البيت وأننا جميعًا عائلة واحدة، لقد كان المرشدون مثل إخوة كبار وتميّزوا بخبرة وثقافة وأسلوب رائع. لقد شعرت أن المخيم زرع فينا قيمًا تربوية واجتماعيّة جيدة وطيبة، بالإضافة إلى زيادة وعينا حول الهويّة، ومن شارك في المجموعات رأى وسمع الفرق بين اليوم الأول والأخير، لقد أصبحنا أوعى بعد مخيم "هذه بلادي" وأريد أن نلتقي مرة أخرى".


أما الطالب عروة وتد (15 عامًا)، من قرية جت المثلث، فقد اعتبر أن المخيم "كان متكاملاً، من كل النواحي، استفدنا وتعلمنا وتلسينا، النوم مريح والأكل ممتاز، وإدارة المخيم كانت مصغية لنا ولاحتياجتنا، المعلومات الفعاليات كانت جديدة ومتنوّعة، وأكثر شيء أحببته هو أننا تعرّفنا على تاريخنا العربي في عكا وصفد وطبريا وشعرت بجذوري العميقة وبأن لدينا حضارة نفتخر بها".


هذا وأعلنت جمعيّة الثّقافة العربيّة أنها ستقوم بتنظيم فعاليات تثقيفيّة شبيهة مع المشاركين خلال السنة الدراسيّة القادمة، حيث يؤكّد نجاح المخيّم على أهميّة الربط بين معرفة الوطن وتاريخه وجغرافيّته وبين التوعيّة على موضوعة الهويّة.


في عكا



المسيرة مستمرة


 لمشاهدة ألبوم الصور الخاص بالمخيّم اضغط/ي هنا